الفرق بين نية صيام الفرض والنفل
الأحد 26 شعبان 1433
النية محلها القلب. والتلفظ بها بدعة. فأما صيام الفريضة فلا يصح إلا بنية من الليل؛ لما روى ابن عمر عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" (رواه الخمسة) (1)، قال الترمذي والخطابي: رفعه عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة -وهو من الثقات- ووافقه على رفعه ابنُ جريج عن الزهري. ورواه النسائي. ولم يثبت أحمد رفعه. وصحح الترمذي أنه موقوف على ابن عمر (2) وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: "من لم يُبَيِّتِ الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له" (رواه الدارقطني) (3)، وقال: إسناده كلهم ثقات. وفي لفظ للزهري (4): "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له".
ولا يُؤّثِّرُ على النية إذا نوى الصوم من الليل ثم أتى بعد النيةِ بمُنَافٍ للصوم -كالأكل والجماع- ما دام فعله قبل الفجر. نص عليه الإمام أحمد.
ومن خطر بباله أنه صائم فقد نوى؛ لأن النية محلها القلب. والأكل والشرب بنية الصوم نية. قال الشيخ تقي الدين: هو حين يتعشى، يتعشى عشاءَ من يريد الصوم؛ ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وليالي رمضان.
وأما صيام النفل فلا يشترط للنية تبييتٌ من الليل، بل يصح ولو بنية من النهار -قبل الزوال أو بعده- نص عليه الإمام أحمد-؛ لحديث عائشة قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء؟" فقلنا: لا. قال: "فإني إذن صائم" (رواه مسلم) (5)، لكن بشرط أن لا يكون قد فعل في يومه ما يفطر الصائم قبل النية -من أكل وغيره- فإن كان قد فعل فلا يصح صومه، بغير خلاف نعلمه. قاله في (الشرح).
ويحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية؛ لأن ما قبله لم يوجد فيه قصد القربة، فلا يقع عبادة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "وإنما لكل امرئ ما نوى" (6)، والله أعلم.
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل
________________
1 - أبو داود (2454)، والنسائي (4/ 196، 197)، والترمذي (730)، وابن ماجه (1700)، وأحمد (6/ 287).
2 - (العلل الكبير) للترمذي (1/ 350)، (السنن) (730)، و(معالم السنن) للخطابي (3/ 332)، و(التلخيص) (1/ 188).
3 - الدارقطني (2/ 171).
4 - النسائي (4/ 197).
5 - مسلم (1154).
6 - البخاري (1).